#النشرة الأسبوعية 12: حياة على الجانب الخطأ

bridge between islands

هكذا بدى لي بعد تخيلات كثيرة قمت بها، ضفتان يفصلهما نهر، أما الضفة على اليسار فهي ضفة مظلمة، بالغة الحزن وكأن محرقة سعت في خرابها فأردتها أرضا برماد أسود، دخان يتطاير ولا جميل يذكر فيها، سوى الكثير من الألم والحزن.

تقابلها على الضفة الأخرى، أرض خضراء معشوشبة، جميلة وهواء عليل، أزهار ملونة والكثير من الهضاب والكثير من الجمال.

ـــــــ

ظهرت لي صورة نشرها صديقي جاسم على حسابه على الفسيبوك، فيها صورة تجمع أكثر من 60 طالب بين الطب، الصيدلة وطب الأسنان اجتمعنا كلنا في أكبر حملة تحسيسية قمنا بها في صيف 2018 في حديقة التسلية بولاية الوادي، كان ذلك كأول فعالية رسمية تنطلق بها جمعية النخبة الوطنية للعلوم الطبية المكتب الولائي لولاية الوادي والتي كنت اشغل فيها منصب مسؤولة الإعلام بالمكتب.

الحملة كانت ناجحة لأبعد الحدود، وكان لها صدى إيجابي لدى الجميع.

انتهى حال الجمعية باستقالة 9 أعضاء من أصل 14 وتم فتح المكتب على اثر هذه الاستقالة. كنت من بين الـ9 الذين استقالوا. وذلك بسبب مشاكل في القيادة وسوء في التسيير.

عندما ظهرت لي الصورة امتزج شعوري بالفرح والاشمئزاز معا، لم استطع تصنيفها هل كانت ذكرى جميلة، أم هي ذكرى لأكبر المشاريع التي دخلتها وفَشَلَت فشلا ذريعا والتي كانت الاستقالة نتيجة مخاض دام أشهر من الخلافات والنزاعات والاجتماعات السيئة.

مع ذلك فقد تساءلت لماذا تعَوَّدنا على تصنيف ذكرياتنا في الضفة المظلمة، ولا نتذكر إلا مُرّها، على الرغم من انه كان فيها من الجمال ما فيها. وذلك جعل شريط حياتي يسير أمامي بخطى متسارعة، وذات السؤال كان يطرح نفسه لماذا نحشر أنفسنا في النصف الفارغ من الكأس، فلا نستمتع بشيء.. 

ان تفكيري اخذني الى أماكن عميقة داخلي، وبدأت في التساؤل:

لماذا أتذكر زلاتي وأستمر في جلد نفسي، بينما أنسى كل خير فعلته؟

لماذا أتذكر مشاريعي الفاشلة ولا أتذكر مشاريعي الناجحة؟

لماذا أتذكر انفعالاتي وعصبيتي في مواقف عصيبة، بينما أنسى كيف استطعت لملمت الكثير من المواقف بحكمة؟

لماذا اتذكر كل الاشخاص الذين جمعتني بهم الحياة ولكننا افترقنا بسبب مواقف سيئة، بينما انسى انني محاطة بالكثيرين الذين استطعت انا وهم جعل علاقاتنا تستمر بسبب كل ما جمعتنا من مواقف؟

لماذا اركز على المشاكل بينما انسى الجمال؟

الكثير من المواقف التي مررت بها وعلى الرغم من سوءها الا انها لم تكن تخلو من بعض المتعة، الجمال واكتشاف الذات، لذلك قسمت منظوري للحياة الى ضفتين، واحد مظلم وواحد مضيء، ولأنني قضيت الكثير من الوقت في الجانب الخطأ سأحاول عبور النهر لأقضي بعض الوقت في الجانب الصحيح.

tree against golden sun

ما علمتني الحياة حتى الآن لا يمكنني حصره في حكمة او حكمتان، لقد تعلمت الكثير ومربط الفرس هو أنني سأبقى أتعلم لآخر يوم في حياتي، لطالما اعتقدت ان منظوري للحياة سيثبت عندما افهمها، افهم تفاصيلها وكان كل ذلك يعني ان افهم نفسي وكل شيء بعدها سيتحسن، وما عرفته حق المعرفة أنني سأبقى اتعرف على نفسي قطعة قطعة الى آخر يوم في حياتي، فرحلة التنقيب مستمرة الى الأبد، ويبقى السؤال الوجودي "من انا؟" والبحث عن الذات قضية أزلية لا يمكن حلها في سنوات قليلة.

ذلك لأن الانسان عرضة للتفاعل مع كل ما يحدث حوله، وذلك التفاعل يغيره من الداخل مئات المرات. لذلك نقول لقد نضجت وكبرت وعرفت انني في الحقيقة اريد كذا في وليس كما تهيئ لي عندما كنت في سن كذا. وكلما كبرنا بضعة سنوات نتجدد ونتحسن ونبتغي أشياء مختلفة، وكل هذا التغيير هو الرحمة الالهية التي يحيطنا بها الرحمان حتى لا نملّ على مدار حياتنا، فذلك التجديد يجعلنا نسعى كل مرة لأشياء مختلفة، وهنا تكمن المتعة.

لطالما انحصرت أحلامي على مدار سنوات كثيرة، في رحلة بحث عن شيء ما لا أجده واستيقظ تتملكني مشاعر الضياع، اعتقد انني كنت ابحث عن نفسي، وبعدما عرفت ان رحلة البحث ستطول، قلّة وتيرة اضطراب البحث وبدأت في رؤيت الحياة على نحو مختلف.

ستستمر الحياة، وسأخطأ وسأصيب مرات عديدة، لكنني مع ذلك أحسن من نفسي دائما، و ذلك سيؤهلني ألا أخطأ ذات الخطأ مرتين، سأقع في مواقف سيئة وسيكون عليّ التعايش مع مشاعر سلبية، لكن مع كل هذا فمن المؤكد بين هذا وذاك يوجد الكثير من الأشياء الجميلة التي ستحدث.

لذلك أليس من الجيّد ان نركز على الجانب المضيء، وان نتوقف قليلا عن جلّد الذات ونعي الحظ العاثر او العيش على نذائر الشؤم، حتى صار الواحد فينا يخشى من النجاح أكثر من الفشل، وكأننا لا نستحق النجاح أو ان ما يخلفه النجاح سوى الدمار الذي لا مناص منه، وكل ذلك هو نتيجة لاحتقار الذات جرّاء الجلد المتواصل لذواتنا والعيش المستمر في الجانب المظلم.

قال الله عزّ وجلّ في كتابه الكريم: ﴿ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 155 - 157]

 لذلك أيها القارئ العزيز ان كل ما كتبته لحدّ الآن هو محاولاتي لصنع شخص أكثر صبرا مني، وأحاول ان أجعلك تتعلم معي ان تكون صبورا.

فالصبر يا قارئي العزيز ليس ان نبقى في سخط لكل مايحدث لنا، ولكن نحتسبه عند الله، ونحاول ان نرى جمال اقدارنا، وأن كل المساوئ التي تحدث هي جزء ولكن هناك دائما الجانب المضيء الذي فقط علينا النظر اليه ومحاولة العيش فيه.

لأنها هكذا هي الحياة..

لا أدري هل سربت لك مشاعر الحزن الذي فيّا؟ فأنا لا أريد ذلك، وصدقني انا لست حزينة لكن الأمر انني احاول ان ارى الجانب المضيء، لقد تعرضت غرفتي في الاقامة الجامعية بالعاصمة للسرقة، وتم سرقت مقتنيات ثمينة تقدّر بالملايين، الخبر كان وقعه كبيرا، والسؤال الذي طنّ في رأسي عندما اتصلت بي صديقتي تخبرني أن الغرفة قد سرقت وأن ما بقى منها وجدته مرمي في الأرض وكان دورية تفتيش إسرائيلية قد داهمت بيت فلسطينيا، السؤال كان كالتالي: " الى متى ستستمر الأمور في التدحرج نحو الأسفل؟".

يبقى ضياع الممتلكات المادية أقل ضررا، وحمدت الله ان الجميع سالم، لكن الموقف ككل جعلني اعيد تفكيري في عمق حياتي، وان الحياة هزاتها لا تنتهي، ولن تنتهي بوصولنا لمرحلة ما، لكن نظرتنا للحياة هي ما عليها ان تتغير، فنتعلم العيش والتصدي للهزات.

لذلك قارئي العزيز، اذا كنت مثلي تعيش على الجانب الخطأ، فحاول العبور الى الجانب المضيء.

مدخلك الى الترجمة الاحترافية: بودكاست بونس توك

Younes Talk

هل تريد تعلم الترجمة؟ هل ترى أنك بهذه القدرات ستساعد في صنع جيل أفضل؟

أهنئك على هذا الهدف النبيل، ودعني أمنحك هدية، لتنطلق في المجال.

في الحقيقة لم افكر من قبل في تعلم الترجمة بينما كنت أرى ان تعلم اللغات شيء مهم حتى أستطيع قراءة المحتوى الاجنبي، لكنني بمتابعة المترجم والكاتب يونس بن عمارة بدأت اشعر بأهمية الترجمة ووقعها المهم على اللغة وصنع جيل يقرأ.

من النصائح التي أخبرني بها يونس وأريد مشارتكم أياها، هي محاولة ترجمة نصوص قصيرة، واقترح عليّا ترجمة إجابات كيورا من الانجليزية والفرنسية الى العربية، وأراها نصيحة ذهبية.

بودكاست يونس توك، فيه العديد من الحلقات التي ستفيد كل مهتم بالترجمة والكتابة.

سجل يونس بودكاست يشرح فيه بالتفصيل كيف لكل مبتدئ ان يدخل مجال الترجمة، بالاضافة الى كتب جيدة في الترجمة والطرق الفعالة لتحسين مستوى الترجمة.

استمع الى البودكاست | نصائح أوليّة لشاب يريد دخول مجال الترجمة - يونس توك حلقة 47 | من هنا 

كما انه جمعه حوار شيق مع المترجمة الجزائري إكرام صغيري وخلاله شاركانا جملة مع المعلومات القيمة حول الترجمة ونصائح عظيمة لا تسمعها الا من أشخاص فعلا يريدون لك النجاح.

من النصائح التي قدّمتها الاستاذة إكرام صغيري، هي أنها تحث كل من يدخل مجال الترجمة الى إتقان اللغة العربية أولا، وأنها تبقى النقطة الايجابية والمفصلية لكل مترجم عربي في سيرته الذاتية، ذلك لأننا في عصر انتشر فيه اساليب الترجمة أما الدول الأجنبية فهي تولي اهتمام لأبناء جلدتها اي الناطقين بتلك اللغات، وليس لشخص عربي يدّعي أنه يجيد لغة غير لغته وأنه لا يجيد لغته الأم!!

وأرى انها نصيحة ذهبية ليس فقط للمترجمين بل لكل ناطق عربي، فمن العيب أننا صرنا نرى أشخاص جزائريين يجيدون لغة أجنبية ولا يجيدون كتابة كلمتين باللغة العربية، وصار الامر عبارة عن مفخرة الا انه عار لا أكثر.

استمع الى بودكاست | حوار مع المترجمة الجزائرية إكرام صغيري | من هنا 

حمساء الدوسري تنشر كتابا إلكترونيا قيما يحوي خلاصة تجربتها في كتابة المحتوى التي دامت عامين كاملين:

حمّله من هنا

حمّل كتاب "99 أداة مجانية لمساعدتك على تنفيذ تسويق رقمي"

حمّل من هنا 

مدونة ثرثرة عقل تنشر نشرتها الأسبوعية 5 |  متلازمة الجمال !


مقالات أعجبتني هذا الأسبوع:

تفجير بيروت: الخطوة الرسمية الأخيرة لاحتلال لبنان | مدونة الدهر الآتي

الجميع قابل للاستبدال إلا أنت | مدونة محمود

في الإنتظار | مدونة محمد هاني الصباغ

ما علاقة اقتصاد المعرفة بكعكة الشوكولاتة بكْرِيمة الكستناء؟ | مدونة يونس بن عمارة

مراجعة رواية الرجل الذي ابتلع نفسه | مدونة عصمت

اخترت لكم من كيورا هذا الأسبوع:

كيف تتعامل مع الكسل في الكتابة ومتلازمة الصفحة الفارغة؟ | راجع إجابة يونس بن عمارة

ما هي أفضل المواقع الطبية لطلاب الطب وما هي أفضل الكتب الطبية؟ | راجع إجابة يارا زكي

ما النصيحة التي يجب على كل أب أن يعرفها؟

ما هي نصائحك لمبتدئ في مجال الجرافيك؟ وما هي أفضل الكورسات أونلاين؟ | راجع اجابة عمر شريف

تغريدات الأسبوع:



أيها المار من هنا شارك معنا في سلسلة صراحة 

اقرأ أيضا

من كائن ليلي ، إلى كائن صباحي

الحزن القاتل الصامت| متلازمة القلب المكسور

رحالة رقميون حيث العالم مكان عملهم