عن الكتابة و التدوين
توقفت عن التدوين
منذ مدة بدأت بأسباب غير محددة ، كضيق الوقت ، و عدم وجود مواضيع جيدة للحديث عنها
بسبب انشغالي ، ثم استمر ذلك لأيام و أيام ، ثم صارت سنة ثم سنتان ، ثم ثلاثة و
أربعة ، كنت خلال هاته السنوات اعود للكتابة بمعدل تدوينة سنويا ، كنت اكتب إما
تقرير عن كتاب أو فيلم ، لكنني كنت قد توقفت عن الكتابة بذلك العمق الذي كنت اكتب
عليه من قبل ، ثم توقفت بشكل كلي .
بعد بعض الوقت ،
انتهجت خطة و دخلت مشروعا كتابيا اعده الأكبر في حياتي الى الآن ، إلا انه بقى
مخبأ في درج عميق و لم يكتب له رؤية النور .. ذلك جعل حاجزا جليدا ضخما يعلو
بين اصابعي و لوحة مفاتيح الحاسوب و توقفت
عن الكتابة على اثرها ، في البداية كنت أوهم نفسي أنني آخذ عطلة من الكتابة ، لكن
الحقيقة كانت انه لم تعد لدي الرغبة في الكتابة أصلا !!!
لأنني صرت اشعر
حرفيا انه لم يعد هناك معنى للكتابة ، و نشر الكلمات .. كعالم ضبابي كنت اهيم فيه
وحدي ، دخلت و تقوقعت داخل افكاري ، و لم اعد أشارك احد افكاري ، بل انني لم اعد
احب الحديث عن أي شيء يخصني مع أي احد .. و كأنني بذلك كنت اصنع حاجز امان لنفسي
داخل نفسي .
و على الرغم من أنني
كنت أحاول التماسك ، إلا أنني كنت قد بدأت اضيع في نفسي داخل نفسي و فقدت الشعور
بنفسي !
اكتب هاته الكلمات
لأسباب عديدة و متعددة ، ستتعرفون عليها بين هاته السطور ..
تتعدد أنواع
الكتابة ، و لست هنا لسرد محاضرة تعليمية حول هذا الأمر ، لكنني سأخص في كلامي عن
الكتابة في المدونات ، انتشرت في السنوات الأخيرة هذا الصنف من مواقع الويب ، و
صرنا نتابع ملايين المدونات التي تكتب و تنشر بشكل يومي ، في شتى المجالات ، و هذا
أمر في غاية الروعة ، لأن المدونات دائما ما تحمل آراء أصحابها و التعرف على آراء
أشخاص مختلفين من ثقافات متنوعة ، يعد في حد ذاته بوابة ثقافية على درجة عالية من
الأهمية .
الجدير بالذكر ،
ان مع ارتفاع موجة العدوى و الانتشار الواسع للمدونات صار العدد ضخم جدا ، فقل
بذلك عدد المتابعين حتى لأكبر المدونات .. منذ مدة ، اكتسحتني موجة حنين الى
المدونات التي كنت اتابعها بشكل يومي قبل سنوات ، و اقصد سنوات أي ما يقارب 6 او 7
سنوات ، وجدت جل المدونات مازالت تنشر تماما كما في السابق ، و على الرغم من قلة
المتابعين ، الى انها مازالت تنشر ، و عند قراءتي لبعض التدوينات ، وجدت ان البهجة
في كلماتهم مازالت كما في السابق ، مازال الجميع يدون بشغف و بحب كبيرين ، و
الحقيقة انني اعجبت بذلك ، فأنا كنت قد ابتعدت عن هذا العالم بينما استمر فيه
الباقون ، فهمت حينها بالضبط ما يميز التدوين اليومي ، الجميع يكتب من أجل نفسه ،
و من أجل ان يبقى متماسكا في سلم صعوده و تطوره ، فهمت ان قوة الإنجاز تكمن في
الداخل ، و انها طريقة ليدفع الانسان نفسه للأمام .
التدوين افضل حافز
للقراءة ، للبحث و النبش عن الجديد هنا او هناك ، التعرف على أماكن و أفكار و
اشخاص جدد للحديث عنهم او عن تجربتك معهم ، عندما تلتزم بالكتابة في مدونتك ،
تلتزم بشكل تلقائي بقراءة تدوينات بعدة لغات ، و من هنا انت تكسب عادات جديدة ، من
تجارب باقي المدونين ، تكسب أفكارا و أصدقاء ، و بعد بعض الوقت تجد انه صار لديك
روتينك الخاص ، المليء بروعة الكتابة ، القراءة و صناعة حياة افضل لنفسك .
يتشارك المدونون
من حين لآخر challenges ، و تعد هذه
التحديات من اجمل الوسائل ليدفع الانسان نفسه للبقاء على قيد الحياة ، و اعني هذا
حرفيا ، فبين الحين و الحين ، يفقد الانسان رغبته في الإنجاز ، ثم في ابسط الاعمال
، و بعدها يفقد كل إحساس و شعور يربطه بالحياة ، حينها يصير التواصل مع العالم
الخارجي صعب الى حد موجع ، لكن مشاركة الناس في تحديات ممتعة ، تجعل الأمر اقل حدة
، و اكثر متعة .
و أخيرا أقول ان
التدوين علمني ألا آخذ الأمور على محمل الجد كثيرا ..