التدوين اليومي
لطالما كان يغيريني هذا الأمر، منذ زمن بعيد يعود الى 9 سنين او أكثر،
الرغبة الملحة في اتباع خطة محكمة من التدوين اليومي كانت هدفا لم استطع تحقيقه
لأسباب عديدة أهمها أنني شخص مزاجي جدا، و إذا فقدت الرغبة في أمر ما يصير من
الصعب عليّ اكماله، ربما يتميز كل من يميلون الى الفن الى المزاجية مثلي، و على
الرغم من أنني لطالما كنت أقنع نفسي ان هذا الأمر أمر عادي، و طبيعي يعاني منه كل
البشر، إلا أن الرغبة في التحكم في مزاجيتي كانت هاجزا غريبا أعيش به، و لم استطع
فهم تفاصيله.
بدأت التدوين سنة 2011، كنت مولعة حينها بالتدوين لأنني بطبيعة الحال مغرمة
بالكتابة و الكتب، كنت اغار من كل من كان يمارس هواية ما أو عملا ما بشكل مستمر،
لكن كلمة غيرة اعتقد انها في غير محلها، بل أنني كنت احتار كيف يفعلها هؤلاء؟
عرفت بعد بعض الوقت كيف يفعلها هؤلاء .. لكن دعني احكي حكاية مهمة أولا :
دخلت جامعة الطب سنة 2013، اقسم
انني ما عايشته في تلك الجامعة و بين جدران المستشفيات لا يمكنني وصفه و لا افكر
حتى في وصفه لأنني أحاول ألا اتذكره ، لأنها كانت تجارب قاسية و سيئة إلى أبعد
الحدود ، تعرضت لمواقف لم أكن حتى اعرف ان تلك المواقف موجودة، لم أكن متهيئة لما
وجدته و ما عايشته .
لكن مع ذلك ، تلك التجربة غير حياتي، و جعلتني أرى الحياة من منظار آخر، في
عالم الطب، لا يهم ان كان لدينا امتحان هذا الأسبوع، لأن الدراسة يومية كيفما كان
الحال، علينا ان ندرس باستمرار حتى نوفي جزء من الدروس المبرمجة وليس حتى كلها
لكثافتها و صعوبتها، كما اننا في كلية الطب في العاصمة لا نمتلك مراجع جامعية،
علينا ان نقرأ من كل كتب العالم و ما يوجد في البحار و الأنهار و ما خلفته آثار
الديناصورات، حتى نفهم موضوعا واحدا، و يفاجئنا الأستاذ بأسئلة من المريخ، ثم
يدّعي أننا طلبة دون المستوى، و تمنح بعدها العلامات العالية لمن لا يستحق فقط
لأنه يمتلك خزينة من الأموال مكنته من شراء ما يحتاج من نقاط.
لا اريد التحدث عن كمية الغباء المنتشرة في كلية الطب التي درست فيها ،
لأنني اخشى عليك من العدوى .
لكن درس عظيم خرجت به من كل ذلك ، لقد عرفت يقينا ان سرّ النجاح هو
الاستمرارية ، ليس الذكاء و لا العبقرية ، فقد كنا نعرف جميعا ، أن المواصلة في
حفظ الدروس و البحث عن مراجع جيدة وحدها السبب الذي يمكننا من النجاح بغض النظر
عما نمتلك من مواهب و قدرات في الحفظ.
شخصيا و بعدما دخلت الكلية فقدت الرغبة كليا في التميز و الحصول على علامات
عالية، كنت أعرف انها غير مهمة لأني سأتخرج لأعالج البشر و ليس لأعلق شهادات
الامتياز على الحائط ،و كنت أضحي بالعلامة من اجل المعلومة، ربما ذلك هو السبب
الرئيسي الذي جعلني افقد علامات التميز و انتقل كل سنة بعلامة على الحافة من
السقوط و اعادة السنة، لكنني شخص ذو مبادئ و لم يكن يهمني الأمر رغم كل ما عانيته
و ما زلت ، فخورة انني لم اطعن في مبادئي رغم كل المواقف الحقيرة التي عايشتها و
التي كانت كفيلة ببيع كل مبادئ جملة و تفصيلا و العيش كما يريد لي هذا العالم ان أعيش
.. لكنني لم افعل .
قد تعتقد أيها القارئ ان الفقرات التي كتبتها غير مترابطة، و كل واحدة منها
تحمل قصة بعيدة عن الأخرى اشبه بفضفضة متنوعة، لكن صدقني في نظري هي محكمة ايّما
احكام .. لان حياتي هكذا مزيج من هذا و ذاك و كل من هذا وذاك مترابط على الرغم من
انه قد يراه الناس ان هذا في الشرق و ذاك الغرب ، فهما في حياتي على ذات الكفة بل
يصلان لحدّ الالتصاق.
كان بإمكاني فصل الأمور و جعل كل موضوع في مقال منفصل، لكن ذلك ليس أنا ،
فأنا مزيج من كل شيء، و مدونتي هاته خلقتها من اجل هذا لتشبهني و تتكلم عني .
دعنا نعود الى موضوعنا، و ألخص كل ما قلته في كلمتين التدوين و
الاستمرارية.
لسنوات و انا ادرس بشكل مستمر، حتى عندما افقد الرغبة، كنت أحاول و اكمل
المسير.
عرفت بعد 6 سنوات من فعل ذلك، أن ذلك غير مجد، و انني افهم مفهوم
الاستمرارية بشكل خاطئ لا أكثر..
الجميع يعاني من حين لآخر من فقدان الرغبة او اضطرابات تجعله يفقد يوم او
يومان او حتى 3 عن المسار، لكن حسن التعامل مع هذه الاضطرابات هو ما يخلق الفرق.
تنقسم الأيام الى 3 أنواع ، أيام من الإنتاجية القصوى، أيام من الإنتاج العادي
أي انتاج الحد الأدنى و فقط ، و أيام قاحلة من أي انتاج عند المرور بأيام صعبة او
فقدان الرغبة او أمور من هذا الشكل .
و الحقيقة تكمن في استغلال أيام الإنتاج القصوى في تعويض الأيام القاحلة،
هي عملية تعويضية بسيطة، ان تكتب تدوينتين في اليوم عوض تدوينة واحدة ، وان تبرمج نشر
تلك التدوينة في احدى الأيام القاحلة.
هي عملية تعويضية بسيطة كفيلة بشحن همتك للعودة ، جربت هذا الأمر ، في
النشر اليومي على حسابي على الانستغرام دروس و مواد مهمة في ميدان التصميم
الغرافيكي ، و جدت ان الامر ناجح و يجعلني اخرج من أزمة المزاجية بسرعة، لانني اخذ
وقتي في معالجة ما اعاني من مشاكل، لأنني اعرف يقينا ان الأمور على ما يرام ، وانه
لدي الوقت الكافي لمعالجة المشكلة دون تأنيب ضمير .
لقد طبقت ما تعلمته منذ سنة، و أرى ان الامر ناجح، كلفني الأمر 6 سنوات حتى
افهم الامر.
هل ترى انها 6 سنوات ضائعة، 6 سنوات في التصرف بغباء ليس له مثيل، حسنا في
نظري هو ليس كذلك .. لقد كانت تستحق و إني اراه درسا سأطبقه لكل حياتي عن يقين و
بإيمان كامل،و سيجعل حياتي افضل .
بهذا الحرف اصل الى 900 كلمة في هذا المقال .. هل تعرف لماذا احسبها ..
حسنا تابع معي ..
فكرت في التدوين اليومي ثم وجدت انه في الحقيقة لا طائل منه كثيرا، فالمهم
في الكيف وليس الكم ، و ان اتبع خطة افضل سيعود علي بفائدة أكبر ..
ففكرت في التدوين الأسبوعي و سيكون أنفع بحيث اضمن تحديث المدونة بمقال كل أسبوع
حتى لو لم اكتب خلال الأسبوع، كما انها ستكون ممارسة مهمة لتتبع انتاجيتي و محاولة
تغلبي على مزاجيتي.
اطلقت سلسلة Quora لكنني توقفت، لأنها في الحقيقة لم تعجبني ، هل
كان قرارا متسرعا، نعم ربما ، لكنني شخص مؤمن ان الأخطاء هي ما تجعل الأمور افضل ،
كما انني اعرف اين اضع اخطائي فهي في مدونة شخصية اتحمل مسؤوليتها وحدي، وليس على
موقع كبير ، فانا اتحفظ على مقالاتي في المواقع هنا و هناك و لا ارسل الا الاعمال
التي أكون متأكدة من رغبتي في نشرها على الأقل بنسبة 90%
المهم ان الامر لم يعجبني و جعلني ابحث عن طرق افضل ، و تتبعت بعض المدونين
الذين يقومون بالامر ، و اعجبتني طريقة احدهم، و ساحاول تطبيقها قد اغير منها بعض الأمور
مستقبلا ، لكن على الأقل سأسير بها .
Ali Abdaal هو باكستاني يعيش في لندن مدون و صانع محتوى مرئي و صوتي، و أرى تشابها كبير معه لأنه طالب طب و اعتقد اننا في ذات السنة الدراسية.
مزيج هذا الشخص جعلني احب كل ما يقدمه، و تبهرني إنجازاته ، هو شخص بسيط و
محب للتعلم و مشاركة المعرفة ..
علي يقوم بتدوينة أسبوعية و يرسلها لكل مشتركين المدونة ، قد أقوم أيضا بالامر
على هذا النحو مستقبلا ، لكن سأبدأ أولا بنشرها على المدونة لمحاولة تنظيمها و
تحسينها أكثر .
ماذا يوجد في المدونة ، و هنا يكمن السر الذي يجعل الامر يستمر ..
يشاركنا علي في التدوينة :
·
مقال أعجبه من مدونة أخرى
، أو تحد جديد كتب عنه احدى المدونين .. المهم انه يفتتح التدوينة بأكثر الأمور أهمية
على مدار الأسبوع .
·
التحديثات التي حدثت في
برنامجه Not Overthinking
، و هي البودكاست التي يقوم بها رفقة أخيه . حيث يمنحنا ملخصا حول
بودكاست هذا الأسبوع .
·
ما فضّله هذا الأسبوع :
كتب ، بودكاست، مقالات .. أي أمر كان قد اعجبه يشاركنا العناوين و لماذا اعجبه
باختصار .
·
اقتباس الأسبوع
·
تغريدة الأسبوع ، و هي
التغريدات التي كتبها و يراها مميزة و تستحق النشر .
·
و أخيرا يشاركنا الفيديو
الذي انتجه لذلك الأسبوع او مجموعة الفيديوهات الذي شارك فيها حتى ولو كانت على
منصات أخرى.
و سأعتمد ذات النسق ، و كما سبق وذكرت سأحسن و اعدل الى ان اجد ما يناسبني
.
جدا متحمسة لهاته التجربة لأني اراها مهمة لي ، فهي ستجعل الأمور مرتبة و
انا شخص احب ان انظم افكاري و ارتبها .
حسنا لنعود الى 900 كلمة التي صارت الآن 1360 كلمة ، لقد انضم علي هذا الأسبوع الى تحدي كتابة 1000 كلمة يوميا و لمدة 30 يوم ، حيث كان قد اعجب بطريقة مدونين هما Nathan Barry Sean McCabe و و أراد تجريب الأمر فقد أكد هؤلاء ان هاته العادة قد غيرة حياتهما بشكل جذري .
و أنا كنت قد
انضممت له ، كتبت بالأمس قرابة 1000 كلمة ، و اليوم قد كتبت اكثر من ذلك بكثير و
هذا امر جيد جدا .
و ساكتب كل يوم و
لمدة 30 يوما ، و أتمنى ان تستمر هذه العادة .
سأكتب في أمور مختلفة
لاني احضر للعديد من الأمور الجديدة ، التي قد انشرها و قد ابقيها لمفاجأة ما
احضرها مستقبلا ..
الى هذا الحدّ
انتهى حديثي لنهار اليوم ، و استودعكم عند الله الذي لا تضيع ودائعه .